المزاجية في تسيير الشأن الرياضي الوطني: من الولاءات الشخصية إلى الإخفاقات الجماعية".

في كل بلد، يعتبر المجال الرياضي مرآة تعكس مدى نضج مؤسساته، وشفافية قراراته، وعدالة منظومته الإدارية. إلا أن الواقع المحلي في تسيير الشأن الرياضي الوطني يكشف عن اختلالات صارخة، تُدار في أغلبها بمنطق المزاجية والولاءات الشخصية بدلًا من الكفاءة والبرامج الواضحة.

فالاتحادية الوطنية لكرة القدم تحولت إلى ما يشبه الإقطاعية الصغيرة، تُدار وفق رغبات رئيس أو مجموعة ضيقة، تتقاسم النفوذ والامتيازات بعيدًا عن المصلحة العامة. رئيس الاتحاد،
في كثير من الأحيان، لا يُعير اهتمامًا لتطوير الرياضة أو رعاية المواهب، بل يركز على تحويل الاتحاد إلى مصدر للثروات الشخصية، وتعيين الموالين له من المحيطين به، ولو كانوا عديمي الكفاءة.

الأسوأ من ذلك أن المزاجية أصبحت معيارًا في اختيار اللاعبين، فكم من موهبة وطنية تم تهميشها أو استبعادها من المنتخبات الوطنية فقط لأنها لا تنتمي إلى "شلة الرئيس" أو ترفض الخضوع لمنطق الطاعة العمياء. أما الطاقم الفني، فلا يخرج عن كونه أداة تنفيذ لقرارات فوقية تصدر غالبًا تحت ضغط العلاقات الشخصية أو الحسابات السياسوية.

ولعل ماحصل مع اللاعب الحسن بدهية السباعي (19 عاماً ) داخل اسوار إقطاعية ولد يحية وزمرته المتملقين خير دليل على إستفحال الإنتقائية والميزاجية المقيتة فقد تم إستبعاده من المشاركة مع الفريق الوطني (فئة 20) بعد إجتيازه لجميع مراحل التدريبات الفنية والبدنية والمهارات الأساسية؛ على أن يعود بعد خمسة أيام لإجراء أخر الإختبارات تاركا وراءه جواز سفره للشروع في إجراءات السفر .

غادر المعني الي مدينة أنواذيبو لوداع أسرته وفي اليوم الخامس فوجئ باتصال من الإدارة الفنية تخبره بأن الرحلة تم إلغائها وانهم سيتصلون به لاحقاً ؛؛ لكن الحقيقة المرة أنه تم إستبداله بأحد اللاعبين تكريسا للمزاجية المقيتة.

وهكذا، تسير الرياضة الوطنية في حلقة مفرغة من الإخفاقات المتكررة والتراجع السيئ في النتائج، بينما تُهدر الميزانيات الضخمة وتُفوت الفرص على أجيال من الرياضيين الطموحين.

إن إصلاح هذا الواقع يبدأ بالقطع مع منطق الولاء الشخصي وتغليب الكفاءة، وتعزيز آليات الرقابة والمحاسبة داخل الإتحادية التي تدار بمنطق إقطاعية ذات استقلال مالي واداري، إضافة إلى إشراك الفاعلين الحقيقيين من ممارسين، مدربين، وإعلاميين في صنع القرار الرياضي بدل تكديس الذميين والمتملقين لتلميع صورة ملطخة.
ودون ذلك، ستظل الرياضة الوطنية رهينة المزاجية... وسائرة بثبات نحو المزيد من الفشل.
#لمنصة أنواذيبو اليوم
#تابعونا