الهابا تكشف الواقع المرير للحقل الإعلامي بنواذيبو...

كشفت بعثة من السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (الهابا) خلال زيارة ميدانية إلى مدينة نواذيبو، في إطار مهمة تهدف إلى إجراء مسح شامل لوسائل الإعلام عن واقع صادم ينذر بأزمة حقيقية يعاني منها الإعلام المحلي حين تتحوّل حرية الصحافة إلى شعارات فارغة بسبب اختطاف المشهد الإعلامي من قبل أدعياء المهنة.

سلطة الصحافة تصطدم بواقع إعلامي مختطف:

رغم أن حرية الصحافة تُعد من أبرز مؤشرات التحول الديمقراطي وصحة المجتمعات، إلا أن الواقع الإعلامي المحلي في مدينة أنواذيبو يكشف عن حالة من الاختطاف الممنهج للمهنة من قبل أشخاص لا علاقة لهم بالصحافة لا مهنياً ولا أخلاقياً.ففي غياب تنظيم حقيقي وصرامة في تطبيق القوانين، تحوّل العديد من الأدعياء والانتهازيين إلى "صحفيين" بين ليلة وضحاها، لا لشيء إلا لأنهم استأجروا محلاً تجارياً صغيراً داخل احد الأسواق وعلقوا عليه لافتة باسم "مكتب إعلامي" أو "مؤسسة صحفية".

إعلام مأجور..واراذل البشر بلا ضمائر شوهوا القطاع برمته:

باتت بعض "المنابر" التي تظهر على صفحات مواقع التواصل، تعمل وفق منطق الابتزاز والارتزاق والإرتهان لمن يدفع اكثر يحظى" بتصوير أكثر" و تلميع لسيرة وإنجازات لا وجود لها على أرض الواقع كتلميع بعض الموظفين الحكوميين الفاسدين و تزكية بعض رجال الأعمال المتورطين في اعمال مشبوهة والمتهربين من الضرائب والمتربحين على حساب ضعف الرقابة الداخلية للمؤسسات المحلية؛ ومحاولة التستر على كل هذه التجاوزات مقابل دراهم معدودة لا تسمن ولا تغني من جوع لكنه الطمع والجشع واستغلال ضعف الإدارة المحلية وغياب النصوص القانونية الناظمة للولوج الي الحقل الإعلامي.

غياب التأهيل المهني:

لقد ادركت بعثة السلطة العليا للصحافة هشاشة الحقل الإعلامي المحلي بفعل تكدس المتطفلين والدخلاء من ذوي أصحاب السوابق العدلية والسوابق المخزنية والمسرحين من مختلف المهن اليدوية والحرفية ؛وإتصح لهم بما لا يدع مجالا للشك أن معظم هؤلاء لا يملكون الحد الأدنى من الأخلاقيات أو أدوات المهنة: لا إلمام بالتحرير ولا بأبجديات الخبر الصحفي ولا بوسائل التثبت من المصادر الخبرية ؛ يخلطون بين الرأي والخبر.ينشرون دون تدقيق أو تحقق طبعاً لعدم إلمامهم بالعمل الإعلامي وبمهارات القراءة والكتابة.

هي عوامل من بين أخرى جعلت من مهنة الصحفي في انواذيبو مهنة من لا مهنة له مفتوحة على مصراعيها لكل
من هب ودب؛ ما أثر بشكل مباشر على سمعة المهنة وقوض ثقة المجتمع في الصحفيين وإن كان في الحقل الملغوم بقية
إلا من رحم ربي.

كما ان استهزاء المسؤولين بأي صوت إعلامي، بحجة أن الكل "يدّعي" الصحافة ساهم في تشويه صورة الصحافة الجادة والنزيهة.حتى اصبحت تلقب" بصحافة " 500 " رافيعين لواء توحيد أسعار تنافسية بين محلات التواصل الإجتماعي خاصة في موسم الإنتخابات لكونه موسم عروض؛ ولكون بعض الطبقة السياسية والاقتصادية والرياضية والموظفين الحكوميين هم اكبر مساهم في تدمير وتمييع الحقل الإعلامي المحلي نظرا للعديد من العوامل" لا مجال لذكرها فلكل مقام مقال " فقد بات لزاماً على الجهات المعنية التدخل الجاد لتنقية الحقل الإعلامي الملغوم من المتطفلين و الدخلاء ووضع شروط مهنية صارمة لمنح التراخيص النذر اليسير من ممارسي المهنة.وتفعيل نقابات الصحافة لمراقبة الأعضاء وتنظيف الجسم المهني الملطخ بالأوزاغ البشرية ومعاقبة منتحلي الصفة ومتابعتهم قانونياً.

لا يمكن الحديث عن حرية الصحافة في ظل إعلام مخترق، ومكاتب وهمية يديرها طارئون على المهنة، يحولون قضايا المجتمع إلى سلع رخيصة. الإصلاح يبدأ من تطهير الساحة الإعلامية وتمكين الصحفيين الحقيقيين من أداء دورهم بكرامة ومسؤولية.

#تحياتي : مراقب محلي من مدينة أنواذيبو المختطفة..