عندما يصبح الفساد خصم الفقراء: مفارقة التآزر تحارب الفقر وتغرق في الفساد المالي والإداري.

في مفارقة صادمة ومؤلمة، كشفت تقارير وشهادات عن تفشي غير مسبوق للفساد المالي والإداري داخل إدارة من المفترض أن يكون هدفها الأساسي محاربة الفقر والتهميش الاجتماعي. هذه الإدارة التي يُفترض أنها تحمل همّ الفئات الهشة وتعمل على تحسين ظروفها المعيشية، أصبحت للأسف عنوانًا لانعدام الشفافية وسوء التدبير، ومرتعًا للتلاعب بالمال العام عبر ما بات يُعرف بظاهرة "الفوترة الوهمية" .

فوترة من أجل النهب!!

تشير معطيات دقيقة إلى أن عدداً من الصفقات والمشاريع التي يُفترض أنها موجهة إلى دعم الفقراء، لا تعدو أن تكون واجهات لتبرير صرف ميزانيات ضخمة. تُضخّم فيها الفواتير، وتُدرج فيها خدمات لم تُنجز، أو تجهيزات لم تُسلّم أصلًا، بل وتُمنح أحيانًا لمقاولات تربطها علاقات مشبوهة بمسؤولين داخل مندوبية النهب والفساد المعروفة" بالتآزر"

هذه الممارسات لا تُهدر فقط المال العام، بل تُكرّس واقع الفقر الذي تزعم المندوبية محاربته. فكل أوقية تسرق من ميزانية المندوبية، هو طعنة في ظهر الغقراء والمساكين، وكل مشروع يُفشل عمدًا من أجل إعادة "برمجته" وتمريره لنفس الجهات، هو عبث بمستقبل أجيال من المهمشين وبالتالي على الجهات الوصية أن تتدارك الموقف قبل فوات الآوان؛.

تواطؤ إداري وصمت سياسي

الخطير في الأمر ليس فقط حجم الفساد داخل مندوبية التآزر، بل الصمت المريب والتواطؤ المحتمل داخل هرم الإدارة. موظفون مرتشون، تقارير مغيبة، ومسؤولون يغضّون الطرف عن التجاوزات مقابل حصص من "الكعكة". أما الرقابة، فإما شكلية أو موضوعة في جيب أصحاب النفوذ.

ورغم تحذيرات المراقبين، وتقارير بعض الجهات المستقلة، لم تُفتح تحقيقات جدية في فضائح المندوبية، ما يعزز الشكوك حول وجود "لوبي فساد" محمي سياسياً.!!

الضحايا؟ دائماً هم الفقراء

في النهاية، يدفع ثمن هذا الفساد من لا صوت لهم الأسر المعوزة، النساء في القرى والمدن وادوابه المنسية، الشباب العاطل، والمرضى في الأحياء الهامشية. هم من تُعلّق صورهم في تقارير التنمية، والجميع إنحازات المنزلية الواهية بينما تُنهب أموالهم في مكاتب مكيفة .

لا يمكن الحديث عن تنمية حقيقية ما لم يتم فتح تحقيقات شفافة، وربط المسؤولية بالمحاسبة. فمحاربة الفقر تبدأ أولاً بمحاربة الفساد داخل المؤسسات التي يفترض أن تحاربه. وإلا فإن هذه الإدارات ستظل تُفاقم الأزمة بدل حلها، وسيبقى الفقراء وقودًا لفساد لا يشبع.

#تابعونا
#نواذيبو اليوم