حين تُشارك الفشل في معرض للنجاح: عبث إداري في مدينة "اقتصادية"

في مشهد لا يخلو من الغرابة، شاركت سلطة منطقة انواذيبو الحرة المكلفة بتطوير وجلب الاستثمارات لمدينة توصف بـ"الاقتصادية"، في معرض استثماري دولي بالجزائر، وكأنها تمثل نموذجًا يُحتذى به في الجذب والتنمية. هذا الحضور لم يمر دون استغراب واسع بين المتابعين، خاصة أن أداء هذه المؤسسة
على الأرض لا يبعث على أي نوع من الفخر أو الثقة.

فشل متراكم.. بلا محاسبة

كيف يمكن لمؤسسة تعجز عن تنظيم أسواق المدينة، ولا تقدر حتى على تنظيف أحيائها، ولا توفير بيئة استثمارية حقيقية، أن تقف في معرض الاستثمار لتعرض "منجزاتها"؟ بل كيف تُسوّق لنفسها كمحفّز للاستثمار، وهي عاجزة اقتصادياً، غائبة سياسياً، ومشلولة إداريًا؟

هذه المؤسسة التي فشلت في خلق حد أدنى من الحوكمة المحلية، وفي معالجة الإشكالات الاجتماعية والاقتصادية التي تتخبط فيها المدينة منذ سنوات، تحاول اليوم تصدير وهم "النموذج الاستثماري" إلى جمهور المعرض.

المدينة الاقتصادية.. بالاسم فقط؟

نواذيبو التي تحمل لقب عاصمة "اقتصادية"، ما زالت غارقة في مظاهر التهميش، والبطالة، وضعف البنية التحتية، وسوء التسيير المحلي. فلا المناطق الصناعية نجحت، ولا المشاريع الصغرى نمت، ولا الخدمات تحسنت، بل على العكس، أصبح السكان يشعرون أن صفة "الاقتصادية" مجرد شعار بلا مضمون.

فأي استثمار يُروج له في ظل هذه الظروف؟ ومن المستثمر الجاد الذي سيخاطر بأمواله في بيئة تنعدم فيها الشفافية، ويغيب فيها الحد الأدنى من التسهيلات والتحفيزات؟

استثمار في العلاقات.. لا في التنمية

ما يبدو واضحًا أن مشاركة سلطة منطقة انواذيبو الحرة من خلال بعثة يترأسها الأمين العام في المعرض ليست إلا محاولة لتلميع الصورة، أو تمرير رسائل سياسية، أو حتى "الظهور" من أجل العلاقات العامة. فبدل أن تُعرض حقائق الوضع الميداني، يتم الاكتفاء بالخطابات والملصقات والتقاط الصور التذكارية، في قطيعة تامة مع واقع المدينة الحقيقي.

تنمية بلا مصداقية؟

الاستثمار ليس معرض صور ولا حفلات شاي، بل مشاريع فعلية، ومقومات حقيقية، ومناخ إداري واقتصادي جاذب. وكل إدارة تفشل في تنظيف أسواقها، وتنظيم مرافقها، والإنصات لمواطنيها، لا يحق لها أن تدّعي ريادة اقتصادية.

مطلوب اليوم وقفة حقيقية لمراجعة هذا العبث الإداري، وربط الأداء بالنتائج لا بالشعارات، حتى لا تتحول المعارض إلى مسرحيات، والمدن الاقتصادية إلى مدن منكوبة .