يثير تنامي ظاهرة زواج شابات موريتانيات من محكومين بالإعدام على خلفيّة "قضايا إرهاب" جدالاً واسعاً في البلاد، وقلقاً في الأوساط الحقوقية ولدى الحركات النسائية التي استنكرت هضم حقّ الشابات في اختيار زوج مناسب وتأسيس عائلة مترابطة وحياة كريمة بعيدة عن المعتقلات والسجون.
ساعدت الهالة الإعلامية والدعائية التي أحيط بها السجناء ومغامراتهم قبل اعتقالهم في ارتفاع شعبيّتهم في المجتمع رغم خطورة التهم الموجّهة إليهم. وفي سياق متصل، تؤدي زوجات السجناء السلفيين أدواراً مهمة في حياة أزواجهنّ، إذ إنهنّ يشاركن في اعتصامات وتظاهرات أمام السجون للمطالبة بتحسين أوضاع هؤلاء، في حين يشكّلن كذلك عامل دعم نفسي واجتماعي للسجناء الذين يستفيدون من رخصة الخلوة الشرعية ويرزقون بأطفال وهم داخل السجن.
وترى هيئات نسائية أنّ ارتباط شابات في مقتبل العمر بمحكومين بالإعدام، هو تعدٍ على حقّ اختيار شريك العمر وتوريط الشابة في حياة قاسية وشاقة في سنّ مبكرة لا يسمح لها بالاختيار وفق قناعاتها. ويبقى قرارها بالزواج من مسجون مرتبط أكثر بمحيطها العائلي الذي يتأثر بدوره بـ"البطولات" التي قدّمها هؤلاء الذين يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد بدل عقوبة الإعدام التي لم تعد تنفّذ في موريتانيا.
في سجون موريتانيا، يقبع شباب مغرّر بهم تورّطوا في عمليات مخالفة للقانون تعدّها السلطات الأمنية "إرهابية" بينما يرونها هم "جهادية". وهؤلاء نفّذوا هجمات دامية تحت أمرة تنظيم القاعدة في موريتانيا ومالي والجزائر وساحل العاج. وتنتشر أخبار هؤلاء في أوساط بعض فئات المجتمع الموريتاني، وتُنسَج قصص خيالية عن "بطولاتهم"، خصوصاً في "حرب مالي" حين حاربوا القوات الفرنسية. وهذا ما رفع أسهمهم لدى عدد كبير من الموريتانيين، لا سيما في الأحياء المهمشة وحيث ينتشر الفكر الجهادي.
تجدر الإشارة إلى أنّ ثمّة جهات عملت على استثمار هذا التعاطف والترويج لهؤلاء الشباب ليتمكنوا من الزواج والاستفادة من نظام "الخلوة الشرعية" الذي تؤمّنه سجون موريتانيا، للإنجاب وممارسة حقوقهم الزوجية. وفي فترة قصيرة، تمدّدت المبادرة وازداد إقبال الموريتانيات الشابات على الارتباط بمحكومين بالإعدام.