حس أمني / القاضي بن لاجور

في خضم التجاذبات التي تشهدها الساحة السياسية في الفترة الأخيرة وما صاحبها من تفكير في مصير هذا البلد وهو تفكيرا يلامس في بعض الأحيان المصلحة العامة ولكنه مع الأسف يقتصر علي المصلحة الخاصة في احايين كثيرة, إذ يريد أصحابها تفصيل كل شيء في هذا البلد علي مقاسهم الخاص ومن اجل ذلك يطعنون في كل شيء ويتجاسرون ايما تجاسر فلا محظور في بلدنا والكل مستباح وسائل التعبير متاحة والانتهازيون موجودون ، إعلامنا حر...حر ولله الحمد وهي حرية لا حدود  لها حتي أنه في سبيل حريته يهون الوطن ومقدساته....

 

لكننا تناسينا عن قصد "و نتمنى ان يكون عن غير قصد" معضلة القرن الواحد والعشرين التي تؤرق الشعوب والأمم في كافة ارجاء المعمورة لدرجة رصد الميزانيات وتعبئة الجيوش الجرارة و الوسائل المختلفة....... انه الامن أرخص موجود وأغلي مفقود كالماء والهواء تماما، ذلك الأمن الغائب في بعض بلدان المنطقة والعالم، في خضم هذه التجاذبات أقول انه يطيب لنا أن نتذكر حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الأمن و الأمان حديث يقول (من اصبح منكم آمنا في سربه، معافي في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)، فهذه الأمور وعلي رأسها الأمن في الأوطان والأمن في البيت هي مفتاح السعادة وكأنك عندما تملكها تملك الدنيا كلها.

 

 

ولكننا في موريتانيا وفي السنوات الأخيرة استطعنا ان نخلق مقاربة امنية عز نظيرها في المنطقة علي أسس متينة وأساليب مدروسة ورعاية خاصة في جو محفوف بالمخاطر الإقليمية وشبه الإقليمية لا تعرف الهدوء الا لتتوتر من جديد ساهمنا في حلها لكيلا تصلنا وامنا حدودنا برجالنا البررة وقد قامت هذه المقاربة على مبدئ الحرية الجماعية والفردية وترسيخ العدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر والفساد وغير ذلك من العوائق الاجتماعية التي تعد أكبر بيئة حاضنة للإرهاب، فضلا عن الجهود الجبارة لبناء دولة قوية بمؤسساتها الدستورية وأجهزتها الأمنية وقواتها العسكرية.

ومما يندي له الجبين انه في مثل هذه الأجواء نجد في بلدنا من يحاول خلق التوترات ويركب ما أتيح له من موجاتها علي حساب الوطن ورموزه والشعب ومكوناته وحتي العقيدة والدين همه الوحيد الحصول علي مصلحة آنية او وطر زائل، غير آبه بما قد ينجر عن ذلك من اضطرابات   تندلع لتحرق الجميع دون تمييز بين من أشعلها ومن يستهدف بها، تأتي علي الأخضر قبل اليابس، والمسافر قبل المقيم, تهدم كلما بني في مئات السنين ويبني في حاضر الأمم.

 

ان العالم اليوم يحترق من شرقه الي غربه لا ينعم فيه الفرد بقوت يومه ولا هو آمن في سربه احري الأوجاع في البدن المتهالك، تتقاذفه [ في احسن الأحوال] أمواج البحار في مراكب مطاطية ينتهي به المطاف غالبا رقما في سجلات خفر السواحل في الضفة الأخرى، اوطان متناثرة أهلها مشردون في كل مكان، دول أصبحت أثرا بعد عين، تراقبها ثلة قليلة تنعم بالأمن تعيشه بكل تفاصيله تتفرج علي الشاشات التي تبث الدم والتفجير والمفخخات, والقتل والدمار والويلات.....تحمد الله المئات وتسبحه الآلاف.

 

ان بلدنا يسير علي طريق التنمية بخطي قد تكون بطيئة لا كنها ثابتة، ينعم فيه الفرد بالحرية والطمأنينة يري نصف الكأس الممتلئ، لا يهمه من يري النصف الفارغ والذي لو امعن النظر لبصْر....وشمر عن ساعد الجد ليساهم في بناء وطنه لاحبا في احد لكن حبا في الوطن الذي في حبه من الإيمان.

إن بلدنا في حاجة الي الاستقرار والامن أكثر من حاجته الي الحروب والفتن والتجاذبات والمحن.

نحن بحاجة الي بلد يشار اليه في المنطقة، كقطب جذب سياحي، ينعم فيه المواطن والمقيم بالأمن والرخاء، منطقة استثمارية بامتياز لا يجبن فيها رأس المال ولا يخاف صاحبه  لا منطقة حمراء يتناذرها السواح و المستثمرون.

إن الامن يخلق الاقتصاد ؤ الزراعة، يخلق فرص العمل والإنتاج، يؤمن حركة السوق وانسياب الصرف، يجلب العائد الوفير لممارسي المهن الحرة بل والعاملون في جميع المجالات......

إن ثقافة الأمن والاستقرار تحتاج الي بيئة خاصة، وشعب واع بأهميتها، و مؤسسات تربوية و إعلامية متجهة لها، و أجهزة أمنية وعسكرية حامية لها، بعيدا عن التجاذبات السياسية و الأطر الضيقة و المصالح الذاتية.

 

إن بعض السياسيين في بلدنا يفكر بمنطق [إما انا وإما الطوفان]. يستنهضون همم التدمير ويستحثون النعرات الضيقة.... همهم الوحيد إرضاء الغرب لحاجة في نفوسهم حتي لا أقول في نفس يعقوب يحجزون مقاعدهم في اول رحلة مغادرة عندما يستشعر الوطن خطرا فلجوئهم الأمني حتي لا أقول السياسي مضمون ... لأنهم وبكل بساطة اتقنوا ادوارهم....

 

إن بعض الدول العريقة لاحظت ان منظومتها الأمنية تنهار وجدارها الدفاعي يتصدع عندما أمسك دفة الحكم فيها من يحتاج الوقت ليتأقلم من يستشير الآخر لأمنه وأمن وطنه من يجهل طريقة أمن نفسه احري بلد بالكامل ففاقد الشيء لا يعطيه كما يقال.... فكان لزاما على أبنائها البررة أن يأخذوا زمام المبادرة ليؤمنوا أوطانهم ويوفروا الاستقرار فيها...... فعلينا نحن ان نأخذ العبرة ونبدأ من حيث انتهي الاخرون....

 

فأي رئيس جديد لبلدنا في هذه الظرفية الخاصة سيحتاج في أحسن الأحوال الي فترة سنة او ستة أشهر على الأقل ليعرف من اين يبدأ أو على الاصح يبدأ له........ فهل ستنتظر كل المخاطر السالفة الذكر والمحدقة ببلدنا أي مدة زمنية لنكون جاهزين جاهزيتنا الآن......

ويتعزز هذا بالنظر الي الخبرة الكبيرة والمتراكمة في السنوات الأخيرة في المجال الأمني والاقتصادي وكذلك الديبلوماسي التي اتسمت بها بلادنا في هذه الفترة،

ام ان التخبط العشوائي سيظل سيد الموقف والارتجالية تفرض نفسها والتدهور الأمني يسود ودوامة جديدة تبدء لتذكرنا بسنة 2008

ان المواطن البسيط يريد الأمن والاستقرار كذا المزارع وصاحب الحانوت والعربة والصياد والسباك...... وغيرهم ..... فهل في السياسين من مجيب.....

وفي المقابل جعل الله نقص الامن عقوبة لمن كفر بنعمته، قال تعالي [وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون] النحل 112_113

انظر كيف قرن الله جل جلاله بين الأمن والازدهار. 

والجميع متفق معي ان الرئيس الحالي لابديل عنه........

حفظ الله بلدنا وجنبه كل مكروه...........

                         

 

القاضي بن لاجور