بيان الخارجية المغربية.. قطعت جهيزة قول كل خطيب/ إسماعيل الرباني

وكالة الوئام الوطني للأنباء - بعد أن بلغ سيل أقاويل المرجفين في المنطقة الزبى، وعلا صوت التفرقة والخلاف، ودق الصائدون في المياه العكرة طبول الحرب وعطر منشم، وبعد أن تصدر دعاة التفرقة المشهد خلال الأيام الأخيرة... جاء بيان الخارجية المغربية بخصوص تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، مثلجا لصدور الشعبين الموريتاني والمغربي، محبِطا لمؤامرات الساعين إلى ضرب التآخي والتكامل بين الدولتين الشقيقتين الجارتين.

 

لقد وضعت الخارجية المغربية النقاط على الحروف، ووصفت تصريحات حميد شباط بما تستحق من استهجان ورفض وتوضيح وتعبير عن متانة عرى الوشائج التي تربط شعبا واحدا في دولتين، أظهرت الأزمة الحالية العابرة أنها عصية على المؤامرات التي تحاك في آخر منطقة عربية هادئة منذ اندلاع الربيع العربي.

إن من يحاول الوقيعة بين الشعب الموريتاني وشقيقه المغربي، من صحافة ومحللين وساسة ومندسين ومخبرين، لقنته الحكومة المغربية درسا لن ينساه أبدا، مفاده أن لا أحد، مهما كان الهرم الذي يتربع عليه، داخليا كان أو خارجيا، باستطاعته أن يكون في مأمن من انتقادها اللاذع، ورفضها القاطع لمحاولته النيل من العلاقات المتميزة بين الرباط ونواكشوط.

وكما يقول المثل العربي: "رب ضارة نافعة"، فرغم فداحة الجرم الذي ارتكبه الأمين العام لحزب الاستقلال، فإن تصريحه قد أبان عن عمق العلاقات الموريتانية المغربية، وكونها عصية على التوتير، مهما حاول دعاة التفرقة من الطرفين، ومهما كانت مواقف النخب التي لا تنمو إلا في المياه الراكدة الآسنة، ولا تدخل الإعلام ولا اهتمام الرأي العام إلا من باب "خالف لتذكر".

وكتعبير عن جدية المغرب في الحفاظ على متانة علاقاته مع موريتانيا، والتزامه بما تضمنه بيان وزارة الخارجية، قرر الملك محمد السادس إيفاد رئيس الوزراء عبد الإله بنكيران إلى نواكشوط لإصلاح الأضرار الناجمة عن تصريحات حميد شباط غير الموفقة.

ويرى المحللون أن الأزمة الحالية لا تعدو أن تكون سحابة صيف، إذ أن الحزب المتسبب فيها ليس عضوا في الائتلاف الحكومي، ولا يعبر عن وجهة النظر الرسمية في المملكة المغربية، مشيرين إلى أن تلك التصريحات ستنعكس سلبا على مستقبل الحزب السياسي ما لم يقدم اعتذارا مصحوبا بتغيير أمينه العام في أول فرصة، خاصة وأنه فشل في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، وزاد من عزلة حزبه بتصريحاته الخطيرة تجاه بلد شقيق وجار، ما يجمعه مع بلده أكثر مما يفرقهما.

لقد سحب بيان الخارجية المغربية البساط من تحت أقدام بعض النخب الموريتانية والمغربية التي كانت تراهن على القطيعة بين البلدين، وقطع الطريق أمام دعاة الانفصال المغاربة الذين عولوا كثيرا على تصريحات شباط للنيل من علاقات تاريخية ومتعددة الأوجه ظلت تربط موريتانيا والمغرب على مر العصور.