هذا جواب بنكهة نون النسوة الصحراوية ايتها العنصرية./ لمينة الخطاط

لمينة الخطاط

قال تعالى:"ولا تبخسوا الناس اشياءهم" صدق الله العظيم. كثيرا ما ينزلق البعض في براثن العنصرية المقيتة والشوفينية التي تعميهم عن تتبع الأحداث بتجرد وترمي بهم إلى مستنقع نتن عنوانه الإزدراء والتهكم على الغير ، لا لشيئ سوى لأنهم عاجزون عن مقارعة الفكرة بالفكرة والحجة بالحجة ، وهذا ينطبق للأسف على السواد الأعظم من المغاربة نخبة وقاعدة عند تناولهم لقضية الصحراء.
ونظرًا لتاريخنا كشعب عاش من أجل مبدأ الحرية والكرامة ودفع في ذلك الأرواح واجه الموت وتحمل مآسي اللجوء ، فإننا لن ننزل لمستوى البعض الذي أجزم أنه لم يخبر في يوم معنى أن يدفع روحه ويتخلى عن حياته ويفقد أحبابه من أجل المبادئ التي يُؤْمِن بها ولأنه في الأصل لا ثقافته ولا تربيته ولا تاريخه علموه أن يعيش حرا ويموت دفاعا عن تلك الحرية ، كيف لمن تربى وورث جيل بعد جيل العبودية والخنوع ، أن يعرف أو يفهم نضال شعب ولد وعاش وبنى مجدا من أجل الكرامة والعيش بحرية.
إن الشعب الصحراوي لجاهله ليس فقط وعاء لثقافة الإباء والكرامة والتحرر ، بل هو منارة ونبراس لكل إنسان سبر أغوار نفسه وقدرها ، لا نحتاج للأثار ولا للجغرافية ولا التاريخ المكتوب بأقلام السفلة ، كي نثبت للعالم مدى تشبعن بالقيم الإنسانية الكونية التي توارثناها قبل مواثيق الأمم المتحدة وجلسات التفاوض حول أحقية الإنسان في العيش بحرية ، ولا نحتاج لأن يفهمنا من في آذانهم وقرا وعلى عقولهم أقفال العنصرية والتبعية ، كي نوصل مجدا كنّا ق صنعناه يوم دفعنا من أجله أرواح رجال ونساء لم يركعوا يوما ولَم يعرفوا للذل طريق . 
تاريخنا لجاهله ليس تاريخا يرتبط بمملكة أو سلطنة وَلَم يبنى من أجل عائلة أو شخص واحد ، تاريخنا وإسألوا من عرفه عن قرب هو تاريخ شعب عاش ومات وضحى ورفض كل أشكال العبودية التي تُمارس على البعض ولا يقوى حتى على مواجهتها في قرارة نفسه فمابالك بأن يترك الحياة ويعيش على قيد التيه والموت والحزن والفقد لكنه يبقى عتيا على القيد والذل .
وثقافتنا وآثارنا ليست مادية بل معنوية عنوانها الوعي والنضال والتحرر والإيمان حتى الموت بالمبادئ .
إن الصحراء لجاهلها ليست جغرافية وثروات بحرية وباطنية أشبعت بُطُون جوعت وجاعت ، وليست مجرد أرض جرداء لا حياة فيها .
ولا بشر كما يريد البعض ولن يتحقق ذلك الصحراء لجاهلها ومتجاهلها هي الحرية والإنعتاق ، وهي العطاء والبذل ، هي الكرم والتضحية ، هي الصبر والتحمل هي القوة رغم مايلوح في الأفق من عراقيل . لهذا يصعب على البعض ب يستعصي فهم الصحراوي وفهم صموده وشجاعته ومواجهته للموت ، لأنه لم يعرف يوما ما ماذا يعني أن تعيش حرا ومنعتقا من كل القيود .
الصحراوي هو الوحيد اليوم في جغرافية العالم الثالث الذي يستطيع التعايش دون شروط أو مزايدات ، الوحيد القادر أن يسامح من إغتالته سهامه من الخلف .
وجهل البعض سوسيولوجيا وانتروبولوجيا واثنوغرافيا للإنسان الصحراوي يجعله ، يطلق أحكامه السقيمة العقيمة من كل معنى كيفما اتفق دون حتى أن يكلف نفسه عناء البحث عن كرونولوجية هذا المكون الغني بالتنوع والتعايش السلمي والمتسامح مع كل أشكال وعينات البشر ، على وضاعتهم وسوقيتهم وخيانتهم . 
فالمجرم المقيت هو من يفهم مواجهة الشعب الصحراوي لإجرام الدولة المغربية المتمثل في إجتياح بالقنابل والقصف ، على أنه نفور من الآخر . إن جهله وظلاميته قاداه نحو تحليل مريض يفتقد حتى لروح الإنسانية . 

ولأن البعض قاصر عن فهم نضال الشعوب من أجل الحرية يفتري جورا وعدوانا بأن ما يجمع هذا الشعب الأبي هو القبيلة متناسيا أن الإعتبارات الضيقة يمكن أن تصنع صبرا أو مجدا أو تحمل لمأساة كما حصل مع الشعب الصحراوي ،إن متجمع هذا الشعب الإيقونة هو إيمانه بقضيته وكفاحه من أجلها وهو ما يبقى فوق مستوى استعاب الذين عاشوا دهرهم كله عاجزين وقاصرين عن الكفاح والنضال من أجل قضية أو حتى الإيمان بها لهذا تجدهم مهزومين مدحورين أمام ابسط اختبار فيها .

لكن الشعب الصحراوي كان و مايزال يعانق العظمة عصي على الترويض والترغيب والترهيب ، سطر ملحمة قل نظيرها في التاريخ لتنظيمه الذي سماه البعض دويلة يحمل في ثناياه عزيمة شعب لم يثنيه الفقد واللجوء وصعوبة الحياة ، عن تحقيق جسد واحد أفنى الشباب والنساء والرجال أعمارهم في الحفاظ عليه ، هذه الدويلة وشبه الجيش كما يحلو لهم تسميته والفاقد لأبسط استراتيجيات الحرب وعدتها ،أخضع جيش مملكة مستقلة لحرب طيلة عقد ونصف نزل فيه ملكهم راكع ومتوسل من أجل إيقافها، وأسر فيها ألالاف الجنود الذين أفرج عنهم بأخلاق الصحراء على قيد الحياة ، على عكس الطرف الآخر الذي لم تعلمه ثقافته ولا تاريخه كيف يحفظ الأرواح ويقدر الإنسان . هذه الدويلة هي التي انتصرت دبلوماسيا وجيشت احرار العالم للإيمان بقضيتها وجعلت المملكة أضحوكة أمام العالم فالتزييف وتهجين الثقافة والبشر والكذب والتدليس لم يكونوا يوما سبب في الإنتصار لأن القضايا العادلة يكفي بريق إيمانها عن ألف كلمة .