شهادة حق ..في حق الشرطة الوطنية

يُنادونَني في السِلمِ يا اِبنَ زَبيبَةٍ وَعِندَ صِدامِ الخَيلِ يا اِبنَ الأَطايِبِ
سَيَذكُرُني قَومي إِذا الخَيلُ أَصبَحَت تَجولُ بِها الفُرسانُ بَينَ المَضارِبِ
فَإِن هُم نَسوني فَالصَوارِمُ وَالقَنا تُذَكِّرُهُم فِعلي وَوَقعَ مَضارِبي

كانت أبيات العبسي هي أول ما استحضرت و أنا أتابع مجريات عملية السطو النوعية من حيث التخطيط و التنفيذ ،فقد تم تنفيذها باحترافية عالية كما في أفلام هوليوود، منقبون يقتحمون مصرفا في وضح النهار بعدما عطلوا أجهزة الإنذار و المراقبة ..يشهرون أسلحتهم ..ثم تنتهي العملية في وقت قياسي يظهر دقة الإعداد والتخطيط والتنفيذ ، وهنا توضع المصالح الأمنية و في أولها قطاع الشرطة الوطنية على المحك و يحبس الجميع أنفاسه فالحرابة بنهجها الجديد ترسل اشارات واضحة فمادامت قد استطاعت اختراق المصارف المحصنة بأجهزة المراقبة الحديثة و الكاميرات الرقمية عالية الدقة و الحرس الخاص فما بالك بالمجمعات التجارية و حوانيت الجملة و الدكاكين الصغيرة و من للشقق والمنازل والبيوت و العابرين ... عملية تعطي إشارات مؤكدة أن الجريمة قد تطورت من سرقة الدواجن و كسر الأقفال و النشل على الطرقات إلى عمليات متقنة مدروسة تستخدم فيها الخرائط و الخطط البديلة و توضع خططها وتدرس و تمحص .الشيء الذي تحتاج مواجهته الى رجال أمن مؤهلون بدنيا و نفسيا قد سخر لهم من المعدات واللوازم والإمكانات المادية واللوجستية ما يمكنهم من التصدي للجريمة في شكلها الجديد ، وهو ما غفل عنه نظامنا الحالي حين أدار للقطاع ظهره و قلب له ظهر المجن و اتهمه بفساد تغرق فيه كل قطاعات الدولة و مفاصلها حتى القذال ، و ما كانت فيه أفرد الشرطة نشازا عن عمال الصحة والتعليم و و ............. فقد كانت مصالح البيطرة تكتفي بإتاوات المجازر لتتغاضى عن صحة الذبائح ضاربة عرض الحائط بصحة المستهلك و كان مورد الأدوية يكتفي بتغيير تاريخ انتهاء صلاحية الدواء ليضخه في الصيدليات أما التعليم و الإعلام و المحصليات والمصالح البلدية فحدث ولا حرج ، بل أكاد أجزم أن قطاع الشرطة كان القطاع الأنظف و الأكثر فهما للمجتمع و خصوصياته فقد استطاع أن يسبر أغواره و أن يفهم نفسياته ولي على ذلك أكثر من دليل .. فقطاع الشرطة ورغم ما شهده من تهميش تمثل في تجفيف منابعه من خلال توقف الإكتتاب لأكثر من سبع سنوات ومايعني ذلك منعدم تعويض الكفاءات التي تستفيد من حقها في التقاعد ظل يواصل بطولاته ، فما عملية القبض على قاتل خدوج منا ببعيد فلم تكلف العملية بجمع الخيوط والتحري و المتابعة أكثر من أربع وعشرين ساعة وليست العملية اليتيمة، فقبلها المشتبه به في عملية قتل الأطفال بأطار و معتصبي البنت القاصر بعرفات و الطالبة بتفرغ زينة وغيرها مما يعز حصره ...وفي عملية المصرف كان الكل مطمئنا الى أن مصالح الشرطة ستقبض على الجناة كعادتها وكعادتها لم يستغرق البحث و التحري والمطاردة أكثر من ست وثلاثين ساعة .. وهي عمليات وانتصارات توجب على النظام أن يراجع حساباته و تملي علينا أن نرفع قبعاتنا احتراما لهذا القطاع .