نفى وزير الخارجية الموريتاني الأسبق أحمد ولد سيد أحمد، أن يكون هو من تولى "هندسة" العلاقات التي ربطت موريتانيا وإسرائيل، مشيراً إلى أن هذه العلاقات بدأ التخطيط والإعداد لها عام 1994 وهو لم يتول حقيبة الخارجية إلا أواخر العام 1998.
وكان تكليف ولد سيد أحمد برئاسة لجنة العلاقات الخارجية في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض، قد أثار الكثير من الجدل، وتم وصفه من طرف البعض بأنه "مهندس العلاقات مع إسرائيل".
وفي هذا السياق قال ولد سيد أحمد في بيان صحفي وزعه مساء اليوم الأربعاء: "عندما توليت حقيبة وزارة الخارجية في أواخر سنة 1998 كانت (هندسة) العلاقات الموريتانية الإسرائيلية قد بدأت منذ 1994 وكانت العلاقات قد أقيمت بالفعل منذ 1996".
وأشار ولد سيد أحمد إلى أنه وقع على اتفاقية رفع مستوى التمثيل بين البلدين إلى السفارة، وهو ما أكد أنه يدخل ضمن المهام التي يكلف به الموظف ويقوم بها من دون أن يكون مقتنعاً بها.
وخلص وزير الخارجية الأسبق في بيانه إلى تأكيد تشبثه بدعم القضية الفلسطينية العادلة.
وفيما يلي نص البيان:
لقد أثار تكليفي من طرف المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة برئاسة لجنته للعلاقات الخارجية لغطا في بعض الأوساط التي وصفتني بـ"مهندس" العلاقات بين موريتانيا وإسرائيل. واحتراما للرأي العام فإنني أقدم التوضيحات التالية:
لقد بدأت "هندسة" العلاقات مع إسرائيل في بداية سنة 1994 في ظرف كانت فيه البلاد تعاني من عزلة ديبلوماسية، حيث سدت أمامها أبواب هيئات التمويل والمساعدات الدولية بفعل مواقف كان النظام قد اتخذها في ظرفية لا شك أن من عايشوا تلك الحقبة لا زالوا يتذكرونها.
وقد شجع السلطة آنذاك على هذه الخطوة توجه عدد من الدول العربية نحو إقامة علاقات مع إسرائيل بعد انطلاق مسار برشلونة ومؤتمر مدريد وتوقيع اتفاقيات أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل، حيث تم فتح مكاتب للإتصال ولرعاية المصالح المتبادلة مع هذه الأخيرة في بعض البلدان العربية، بعد أن أقامت معها أخرى علاقات ديبلوماسية.
وكل هذا من باب التذكير والتفسير فقط، لا من باب التبرير.
وقد توج مسار الاتصالات بين موريتانيا وإسرائيل بربط علاقات سنة 1996 تجسدت في فتح مكتب لرعاية المصالح الإسرائيلية في نواكشوط وآخر لرعاية المصالح الموريتانية في تل أبيب داخل سفارتي اسبانيا في العاصمتين. كما بدأ تبادل الزيارات والبعثات الفنية وانطلق التعاون في عدد من المجالات كالصحة والزراعة.
وهكذا، عندما توليت حقيبة وزارة الخارجية في أواخر سنة 1998 كانت "هندسة" العلاقات الموريتانية الإسرائيلية قد بدأت منذ 1994 وكانت العلاقات قد أقيمت بالفعل منذ 1996.
وفيما يخصني، فلقد اخترت، منذ بداية مساري المهني، أن أكون موظفا خادما للدولة، ملتزما بالعقد الذي يربطني بها وبواجب التحفظ الذي تمليه علي واجبات واخلاقيات الوظيفة. ولم أتخل عن هذا التحفظ إلا بعد تقاعدي وتحرري من إكراهات الوظيفة.
ولما كلفت، سنة 1999، بالتوقيع على رفع علاقات تمت "هندستها" وتم إبرامها قبلي بسنوات، من درجة مكتب رعاية مصالح الى درجة سفارة، اعتبرت، شأني في ذلك شأن المسؤولين الذين سبقوني وأولئك الذين خلفوني، أنه كان علي أن أقوم بالمهمة التي أسندت إلي، علما بأن الموظف يكلف بمهام قد لا يكون مقتنعا بها، ولا ريب أن هذه المهمة يالذات كانت من هذا النوع بالنسبة لي.
وعلى ضوء ما سبق، فإنه إذا كان من حق الكثيرين ألا يوافقوا على هذا التوقيع، فإن إطلاق صفة "مهندس" التطبيع مع إسرائيل على من قام بهذه الخطوة موقف لا يخلو من الشطط،. وإذا كانت هناك أمور تمنع البعض من تعيين الأشخاص والخوض في المسؤوليات الفردية، ومن الدخول في المهاترات، فإن ذلك لا يبيح للبعض الآخر الكيل بمكيالين وهتك الأعراض وتحريف الوقائع.
وبالتالي، إذا كان "مهندس" الأمر هو من فكر فيه وخطط له وبرمجه، فيمكن البحث عنه خارجا عني. وإذا كانت صفة "المطبع" تنطبق على من لا يرى حرجا في العلاقة مع إسرائيل، أو تطمئن لها نفسه، أو له علاقة بها من قريب أو بعيد، فأنا بريئ من هذه الصفة. وقد كتب الله لي بفضله أنني لم أزر إسرائيل قط، ولم يزر مسؤول إسرائيلي موريتانيا طيلة تقلدى مهام وزير الخارجية، ولم تربطني أي علاقة خاصة بأي إسرائيلي طيلة حياتي الشخصية أو المهنية.
وفي الختام، لست بحاجة الى أن أوكد موقفي الثابت الداعم للقضية الفلسطينية العادلة، وهو الموقف الذي تمليه علي القيم الإسلامية والانتماء العربي ورفض الظلم. كما أنني أشاطر الشعب الموريتاني بصفة عامة، والشباب المورياني بصفة خاصة، تضامنهم ومساندتهم للشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله العادل ضد الاحتلال الصهيوني.