كم هو جميل أن تحظي مدينة نواذيب باهتمام رئيس الجمهورية ، فهو أول رئيس يُقيم حفل الاستقلال الوطني في ربوعها ، و يُكرر الزيارات لها مرات و مرات ،هو أيضا من عَين أطرها في و وظائف سامية من وزيرة للتجارة الى مدير للشركة المياه مرورا بمدير الوكالة الوطنية للتضامن ، هو أيضا من أقصي أبناء الولاية عن إدارة شؤونهم البلدية ، سيرا علي نهج أسلافه في السلطة ،
لكنه هو من استحدث مقاطعة الشامي العصرية ، و انشأ سلطة منطقة نواذيب الحرة . كل ذلك يستحق منا الشكر و الأسف , حيث ظلت الولاية لردح طويل من الزمن حبيسة البؤس و الفقر و البطالة و الأمية ،و الإحباط
فقد شكل الاحتفاظ بهؤلاء الأطر طعنة في جسم الساكنة المترهل ، و إمعانا في إذلال السكان و الدفع بهم إلى النغمة علي رئيس الفقراء ، و الاصطفاف في وجهه يوم الرابع و العشرين ، بل و الدعوة لمقاطعته و التحريض عليه .
قد يكون مفاجأ للرئيس و هو في نشوة الانتصار و الشعور بدفء المدينة الهادئة ، أنيبادرَ بشعور كهذا من الرفض و الغضب ، لكنه يدرك مثل غيره أن المناسبة غير موفقة ، فرغم أهمية الحدث الذي يتعلق بتدشين مركز التخصصات الطبية و رغم حاجة البلاد بأسرها و نواذيب خاصة إلى هذه المَعلمَة الصحية الهامة فان تعيين إداري مدير لها معروف لدي السكان بالعجرفة و الكبرياء وعدم اهتمامه بالمرضي و تحقيره بالعاملين معه من الأطباء و الممرضين و عمال النظافة ، يشكل إذلالا مستمرا للسكان.
فماضي المدير في إدارة مستشفي طب اسبانيا لا يُشرف قطاع الصحة ، حيث ظل هذا المستوصف مجهورا لا يزوره مريض إلا للحصول علي إذن بالدفن ، لعدم توفر الرعاية و تعطل الأجهزة و انعدام الأدوية الضرورية حتى الضمادات غير متوفرة .
أنا أتفهم ـ دون غيري ـ سر تعيينه فهو لا يختلف عن اطر الولاية من حيث البٌعد عن السكان و عدم الشعور بالمسؤولية تجاههم ، و الذين أشاروا إلى الرئيس بتعيينه ـ إن كان علي علم بذلك ـ يَخلقون مزيدا من الحقد و الامتعاض في صفوف السكان ، إنهم أعداءالرئيس من ينتج السخط و التذمر عليه .
كان بود الرئيس و هو يزور المدينة الشاطئية الوديعة أن يُقِيل بشكل جماعي كل الأطر التي تتاجر بالمدينة من وزيرة التجارة إلى مدير شركة المياه إلى مدير وكالة التضامن و يأمر بتجميد نشاط نائبها عن حزب الاتحاد من اجل الجمهورية و يزور مستوصفي اسبانيا و البلدية المستوصف المركزي ليقف علي الموت يوزع بشكل سخي علي المرضي و حتىالمرافقين يقف أيضا علي الرعونة و الكبرياء و احتقار البشر و يستمع إلى عمال النظافة و التعقيم و الممرضين و بقايا الأطباء عن حكايات الإنسان حين يُحتقر و ٌتداس كرامته ، عندها لن يكون بحاجة إلى تعيين إداري لمركز التخصصات الطبية علي الأقل من فئة الأطرالمزيفين .
كان بوده أيضا أن ٌيصحح مسار البلدية ، التي استأثرت بها أقلية من المجلس البلدي في خروج عن القوانين و النظم لا لشيء سوي أن الإنسان في مدينة نواذيب لا يستحق أن يحكم نفسه بنفسه ، لا يستحق حتى أن يٌسمع صوته ، فقط عليه أن يعيش مع القمامة و عفن الأسماك و غلاء المعيشة و انعدام الخدمات الصحية .
صحيح أن رئيس المنطقة الحرة قد يكون وراء تعيين مدير مركز التخصصات الطبية ، لكنة معذور لكونه خليفة لشيخه إسماعيل ولد أبده ، الذي شجع العمدة محمد ولد معطلل علي الترشح لبلدية نواذيب و أقنعه بالخروج من سارية المسجد إلى غياهب السجن ، و تنكر له حتى انه لم يهاتفه طيلة مقامه في سجن ٌطرة ، فهل يتكرر السيناريو من جديد ؟.
لن يرقي الاحتفال المزمع لاستقبال رئيس الجمهورية رغم لفيف المتملقين و الغوغاء إلىعٌشر من استقبلوا نائب المقاطعة عن حزب الكرامة القاسم ولد بلالي لسبب بسيط أن النائب المذكور يمثل الشعب بكل آلامه و طموحاته و رغبته في الحياة ، بل إن الشعب يري فيه حقبة من الرخاء و العمل و التلاحم و الإحساس و التجرد .
و رغم أن كل ذلك قد خلق عداءا أزلياً بين النائب و الطبقة المزيفة و المتآمرة علي الشعب و المدينة ، و سقطت ورقة التوت التى كانوا يلتحفون بها ، تماما مثلما أفسدت رطوبة المدينة و رذاذ البحر الهائج مساحيق التجميل مُسقطة قناع الزيف عنهم .
توقف أيها الرئيس الشَهم عند مدخل المدينة الصناعية حيث قطعان الغنم تملا جنباتالطريق مٌعرقلة السير من و إلى المدينة ، انزل أيها الرئيس زجاج النافذة قليلا و تنشق عبير العفن و عطر القمامة طويل الأجل، سيبقي معك طيلة مقامك السعيد بيننا ، توقف سيدي الرئيس إمام المستشفيات و الأسواق و تأمل في وجوه السكان تقرا فيها السخط بابتسامة مأجورة ، انزل ، خاطب الناس ، تجول و حيد في الأزقة و الطرقات لن تسمع غير الآهات و الأنين، الناس في المدين جائعون ، بائسون ، عاطلون ، منهكون ، و مع ذلك فهم وديعون يحبون الخير و يأملون فيكم الكثير غير هذا