كلمة مواطن أمام رئيس الجمهورية في انواذيبو

عثمان جدو

تشهد بلادنا هذه الأيام ظرفا استثنائيا؛ لما هي مقبلة عليه من تغييرات دستورية تترتب عليها تحولات سياسية تؤسس لجمهورية ثالثة بالنسبة للمناصرين لهذه التغييرات والتحولات وتشكل حسب المعارضين لها تغييرات عبثية وانشغال بالنوافل دون الفروض السيد الرئيس: لاشك أن إشراك المواطن في الرأي والمشورة من خلال التصويت على التعديلات الدستورية مهما كانت طبيعة ذلك-رفضا أو قبولا- يشكل في حد ذاته إنصافا لأجيال اليوم لما للمساهمة في اختيار طبيعة رموز وهيكلة مؤسسات الدولة من السيادة وتمام الحرية.

 

 

السيد الرئيس، السادة الحضور: سأتحدث حول ثلاث محاور رئيسة : عن بعض

الإنجازات، التعليم، وسأختم بقضية اجتماعية.

 

-الإنجازات:

 

على مستوى البنية التحتية شهدت بلادنا تطورا ملحوظا لا تخطئه إلا عين

المنكر فالشوارع المنجزة في مدينة انواكشوط وانواذيبو خير دليل وأوضح

تعبير ؛ لكنها تحتاج إلى جسور خاصة في مدينة انواكشوط فلو أن *دوار

مدريد* مثلا أنشئ به جسر يخفف من زحمة المرور الخانقة في انواكشوط رغم

كثرة الشوارع؛نظرا لفوضوية تشكل المدينة أصلا وفوضوية حركة المرور التي

تتحكم فيها طبيعة المواطن الموريتاني العصية على التمدن؛ لكان الحال أحسن

والمشهد أريح؛ نفس الحال لو أن شيئا مماثلا حدث في قلب العاصمة، وليس

بالضرورة أن تقوم الدولة ببناء هذه الجسور بل يمكن أن يوجه جهد وانتباه

رجال الأعمال إلى ذلك؛ كما حدث مع المطار الدولي(أم التونسي) الذي بني

-كما تعرفون جميعا بصفقة تمثلت في منح مساحات أرضيىة كانت في السابق من

نصيب تقاسم (الإقطاع) المحرم أصلا على (لبروليتريا المسحوقة) من الفقراء

والمستضعفين؛ الذين سيتفيدون حتما من المطار سفرا أو ذكرا أو سياحة.

 

سيدي الرئيس ها أنتم اليوم تدشنون مستشفىً بطبيعة ومميزات غير تقليدية بل

يعول عليه في فك كثير من العقد الصحية التي كان الشاكون منها ييممون

وجوههم صوب بعيد الديار اغترابا لبسيط التداوي؛ بل قد يكون الأمر أكثر

إيجابية حينما يفدِ الوافدون إلينا للاستشفاء والتداوي.. كثيرا ما تبني

الدولة مستشفيات وتزودها بأحدث الأجهزة لكن المشكلة الكبرى التي تبقى

مستعصية دوما هي عدم وجود الأطباء المتشبعون بالإنسانية بعد الوطنية؛

الذين يريحون المريض قبل علاجه ويشفى على أيديهم بعد إتقان معالجته.

 

هناك أشياء كبرى من صميم الإنجازات كقناة المحظرة؛ النافذة العلمية

الشنقيطية الرائدة وكذا الجامعة الجديدة وما أضافته من تحسين على مستوى

التحصيل العلمي شكلا ومضمونا وهناك الصرف الصحي قيد الإنجاز في العاصمة

انواكشوط والذي سيكون له مابعده من تجاوز كثير الأزمات العمرانية والصحية

في المدينة المتناثرة بفوضوية.

 

الوثائق المؤمنة من أهم ما أنجز على الصعيدين المدني والأمني لكن تخفيف

رسوم الوثائق بشكل عام على المواطنين سيكون إن هو حدث مدعاة للشكر

والامتنان لكم؛ فكثير من الأسر لا يقوى على دفع مستحقات هذه الوثائق خاصة

إذا كان ممن حباهم الله بعيال تلازم مع الفقر ومشاكل الحياة الأخرى.

 

 

-التعليم:

 

حدثت تغيرات كبيرة على مستوى المنظومة التربوية بشكل عام- منشآت عمرانية،

إدارات، مدارس امتياز، تعميم علاوات(النقل،السكن) لكن هناك حاجة تحفيزية

وبإلحاح إلى زيادة علاوة الطبشور تثبيتا للمدرسين في الفصول.

 

أما على مستوى *المعهد التربوي الوطني* فقد خُصّ هذا العام بكثير من

الإيجابية؛ حيث تم اعتماد إنشاء صندوق لدعم النشر المدرسي بفعل مقرر

وزاري يحمل الرقم :-0173- الصادر بتاريخ:27/09/2016. عن حكومة معالي

الوزير الأول المهندس: *الخلوق*المتواضع* السيد يحي ولد حدمين وتحت قيادة

فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز.

وسيمكن هذا الصندوق المرصود من ميزانية الدولة لصالح الكتاب المدرسي

ولأول مرة منذ الاستقلال؛ سيشكل دعما وتوفيرا للكتاب دون للجوء للغير كما

كان عليه الحال في السابق؛ وطبعا الكتاب المدرسي رمز من رموز السيادة

والتكفل الوطني به واجب عيني؛ ومعروف وبكل بساطة أن المنظومة التربوية

تذوب جميع عناصرها من أجل أن يصل ماهو موجود بين دفتي الكتاب المدرسي إلى

ذهن التلميذ.

 

السيد الرئيس: هناك حاجة ماسة إلى اقتناء طابعة من نوع *روتاتيف* حجم

متوسط؛ بوسعها طباعة خمسة مليون كتابا سنويا ومعروفا أن حاجة البلاد

تقترب قليلا من مليوني كتاب ولهذا النوع من الطابعات مهام طباعية أخرى

كوثائق *الانتخابات* (بطاقات التصويت) وبعض الوثائق المؤمنة؛ قيمة هذه

الطابعة -900-مليون، كما أن هناك حاجة ماسة إلى بناء مقرات بعض الإدارات

الجهوية للمعاهد التربوية الجهوية  وترميم أخرى؛ بالإضافة إلى تزويدها

بسيارات للخدمة إذ لا يعقل أن تكون هناك إدارات جهوية بهذا المفهوم وبهذه

الدلالة الوظيفية تفتقر إلى سيارات؛ وطبعا سيادتها من سيادة الدولة

وهيبتها من هيبتها وينبغي أن يصان ذلك كله.

 

-قضية اجتماعية:

 

كثير من المتدخلين أمامكم يستغل جو الحرية في التعبير إلى أن يصل به

الأمر إلى معاداة الدولة من خلال التعزي بالقبيلة على حساب الدولة ومعروف

أنه كلما قوت القبيلة واستفحل أمرها ضعفت الدولة لأن الأولى ضيقة الأفق

والأخرى جامعة شاملة، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة

وهو القائل عليه الصلاة والسلام: ( من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضُّوه بهن

أبيه و لا تكنّوا) الهَنُ: الفرج والأمين الشنقيطي-آب-رحمه الله- قال:

أي قولوا له اعضض فرج أبيك دون كناية, الحديث رواه أحمد والنسائي وصححه

الألباني والأرناؤوط.

 

الدعاوي القبلية مفككة للدول ممزقة للشعوب وإليها يعود الوهن الذي تعاني

منه أغلب الدول العربية؛

*نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله*

 

علينا ونحن مقبلون على إنشاء مجالس جهوية أن نبتعد كل البعد عن الاختيار

على أساس قبلي أو عرقي وعلينا إن نحن أردنا نجاحا وتقدما أن ننطلق من

مبدأ جعل الرجل المناسب في المكان المناسب ويكون المعيار الأهم في سبيل

ذلك هو النزاهة ونظافة السجل الوظيفي من الاختلاس أو الإهمال والتقصير

وسوء التسيير.