من يجرؤ على أن يقول أنا صحفي من دون خجل؟

أنتخب 1257 “شخصا” قيادة لـ”نقابة للصحفيين الموريتانيين”، ولم تفلح دعوة إلى التصويت بالحياد صدرت عن صحفيين مهنيين في إقناع أكثر من 23 بالتصويت بالحياد..

هناك من دون شك من لم يسجلوا على قوائم الناخبين ومنهم على الأقل إذاعي كبير هو ابراهيم ولد عبد الله.. ومن دون شك هناك آخرون أعرف بعضهم، ما يعني أن الرقم أكبر بكثير من الـ  1257 .

لم يحضر بعض المسجلين وأنا منهم، لا عن مقاطعة في ما يخصني، لكن لكوني أعلنت في وقت سابق أني غير معني بهذه الانتخابات بعد أن استنفدتُ كل الطرق الممكنة في النقاش مع القائمين على “النقابة” من أجل مراجعة قائمة الناخبين والتثبت من أن المسجلين صحفيون يحق لهم التصويت..

 

 

وسأعود إلى الـ 23 بطاقة محايدة وسط هذا البحر من “الصحفيين” لأستشهد بها على عمق الأزمة، وبالتالي ما يشبه استحالة عزل الصحفيين المرتبطين بالمهنة على أسس مهنية عن غيرهم من الأدعياء ومنتحلي الصفة والسكرتيرات والبوابين، ونشطي القطاع غير المصنف.. وهنا أعترف للرجلين اللذين رفضا تغيير “أسس اللعبة” خلال نقاشاتي معهم، وأعني النقيب الخارج أحمد سالم ولد المختار السالم، والنقيب الجديد محمد سالم ولد الداه بأنهما كانا أكثر واقعية وفهما للحالة، وأعمق ارتباطا بالواقع.

ومن تجربتي في العملية استنتج أنه لا فروق كبيرة بين من يُتوسَّم فيهم أنهم أهل المهنة بما يعنى ذلك من خبرة، وارتباط، وتشبث -“ظاهري” على الأقل- بقيمها؛ وبين الآخرين حينما يتعلق الأمر بالهيئات النقابية والروابط و”تنقية الحقل” (وهي كلمة أصبحت أمقتها لكثرة ما وردت على ألسنة من لا يؤمنون بها).. المواقف هنا “سطحية” “مُراوِغة” تتخذ حسب الظرف الشخصي، والحظوظ هنا وهناك، والموقف من هذه الجهة أو تلك. وحتى العامل القبلي والجهوي يلعب دورا أحيانا.. وفوق كل هذا هناك شبكات مصالح قوية، وأيادي خفية للمخابرات، وهناك أيادي السلطة السياسية التي لها اختياراتها بين رجالها، ولها مواقفها من الذين لا تثق في ولائهم أو تعتبرهم أعداء..

والحكم في كل خطوة يتم التفكير فيها يتحكم فيه هذا “السيل الصحفي” الذي يتجاوز الـ 2000 من دون شك، مسجل في النقابة منه 1257، ينضاف إليه كثيرون لم يستطيعوا أو لم يريدوا التسجيل قبل انتخاباتها الحالية، وأعضاء روابط وجمعيات أخرى مستقلة عنها…

ما العمل..؟

كثرت الروابط والنقابات والجمعيات الصحفية مثل الأحزاب تماما، وهي تكاد تكون نسخا من بعضها البعض من حيث الممارسة والأهداف والانجازات.. ورغم أن المزيد من الهيئات قد لا يكون الأفضل فإني من باب التذكير أقول للمستائين إن القانون الموريتاني يكفل التعدد، ولهم أن يؤسسوا ما أرادوا من الجمعيات والنقابات. لكن لأي هدف؟ وبأي أسلوب؟..

إن الموجود يكفي، ولا فائدة من نسخ إحدى الهيئات القائمة.. المطلوب هو عمل جاد قوي لا هدف له – مرحليا- إلا فرض احترام الأخلاقيات بكل الوسائل، و”التطوع” من أجل تدريب الذين يجدون في الصحافة مهنة مرتبطين بها ويحترمون قيمها..

وأسالكم : أيكم يجرؤ على أن يقول أنا صحفي ويشعر بالرضا في نفسه عن ما انتسب إليه؟ .. لقد أصبح الصحفيون أهل المهنة يخجلون من الانتساب إليها لأنها مرتبطة في أذهان الموريتانيين بالتسول والارتزاق، والكذب، والنفاق و”احدير البوجه”. وعلى كل الذين يرون أنهم غير قادرين على الابتعاد عن هذا الوكر الوسخ القذر – وليتني أستطيع الابتعاد- أن يفكروا في صيغة تمكنهم من الوقوف في وجه عملية الهدم التي لم تترك لنا أرضا نقف عليها، ولا وجوها نلقى بها مصادرنا، ولا صدقية لما نكتب.. .

ولن يكون هذا العمل سهلا، ولا ينبغي أن يتجه إليه إلا من يتحلى بالصدق مع نفسه والآخرين. ويتحلى أيضا بالصبر وطول النفس..

والخلاصة أمد يدي إلى الجميع أفرادا ونقابات وجمعيات من أجل صحافة أخلاقية، مهنية، لا تَلِغ في أعراض الناس.. لا تتسول.. ولا ترتشي، ولا تثير الكراهية العرقية والفئوية.. وتحترم الثوابت التي تجمعنا.

 بقلم :الشيخ بكاي