مما هو مأثور ومألوف أن المجتمع الموريتاني وريث للمجتمع الشنقيطي الأصيل الذي عرف عنه -قبل غيره- أنه منبع الكرم والأصالة والعلم والضيافة وحسن الخلق وإظهار الخير وجريان مكارم الأخلاق بين أفراده وجماعاته.
إن مما كان يشاع في مجتمعنا الطاهر التقي؛ عطف الكبير على الصغير، و الاحترام المتبادل، وحب الجار، ونصرة الحليف، والدفاع مكارم الاخلاق،
وبثها في الناس وعلى رأسها صون العرض.
لم يكن إظهار عيوب الناس بالعمل المبارك عند أي كان؛ بل كان عيبا يتوانى الجميع عن إلصاقه بنفسه أو بغيره ممن يحفظ لهم ودا أو انتماء بشريا سويا، هذا إن كان ما يعاب موجودا أصلا ومبرره مشهودا، أما أن يكون تحاملا وتلفيقا؛ من باب ذكر الناس بما ليس فيهم، استمراء للحسد وحبا في إشاعة النواقص؛ وإن لم توجد، كل ذلك يدل على خبث الطوية ويرشد إلى التشبع بسوء النية، وطبعا؛ لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب..
إن المتتبع لمنصاتنا الإعلامية وفضاءاتنا التواصلية؛ يصاب لا محالة بغثيان سببه التحامل، والاجتهاد في هتك الأعراض، وإلحاق الأذى بالناس، طورا بفعل الخلاف السياسي، وطورا بفعل التباين الثقافي، أو عدم التلاقي سواء فكريا أو دينيا أو تأسيسا على متجهات أيديولوجية أخرى، بل إن من بيننا من يؤسس ذلك على مصالح ضيقة؛ يرضى تمام الرضا بوجودها-رغم الشوائب- ويغضب لفقدانها أو تحولها إلى غيره، بغض النظر عن دوافع ومثبتات الأولوية والاستحقاق، ومع هذا التحول تتحول القناعة ويساق الولاء!!.
لم يسلم من سيف الظنون هذا وعصا الهجاء؛ العالم العلم، ولا الزاهد التقي، ولا الناجح المميز المخلص، ولا المرجعية الاجتماعية النظيفة، بل كان السياسي المحنك، والإداري الناجح، والناشط الجمعوي المخلص، وأصحاب الولوج الآمن إلى منصات التأثير الفعال؛ كان من كل هؤلاء؛ جماعة مستباحة صيتا وعرضا؛ وعلى هجائها يتسلق مرضى النفوس، ومشوهي الفكر وقصار النظر؛ حبا في التمييز من باب *خالف تعرف.
إن من الأمثلة على ما سبق ماتعرضت له بعض الشخصيات السياسية الوازنة بالإضافة إلى بعض الشخصيات العلمية التي كان يفترض أن تبعد عن أفواه السفهاء وأقلام المأجورين، ومن المستهدفين في هذه الفترة؛ تفصيلا وتوضيحا، بشكل جلي؛ *إمام الجامع الكبير* وقبله *رموز المقاومة*، هذا بالإضافة إلى شخص *الوزير الأول* و *وزير المالية*؛ بوصفهما أكثر الناجحين في مهامهم السياسية.
إن أعداء النجاح يبحثون دائما عن ناجحين أو من لهم قيمة واعتبار؛ كي ينالوا (الشهرة) من باب التعدي عليهم بذلك، وهم بهذا الأسلوب يسيئون إلى أنفسهم ويدللون على أفعالهم بمقولة *المتنبي* الخالدة: (وإذا أتتك مذمتي من ناقص ## فهي الشهادة لي بأني كامل).