رجيبة بنت الدوكي : قصة كفاح سيدة من "القصر" إلى "النصر"

بعد شغور منصب عمدة بلدية أنواذيبو والشلل التام الذي أصاب هذا المرفق الحيوي طيلة الظرفية الاستثنائية التي ظل يرزح تحتها

كان الجميع يلتزم الصمت ومستسلما ازاء الوضعية الصعبة والمتفاقمة التي تزداد سوء يوما بعد يوم ولم يكلف أي أحد من الفريق البلدي نفسه ممن يفترض به أن يقود زمام المبادرة لانتشال هذا الصرح الخدمي من "الموت البطيئ" الذي يجتاحه أو القيام بالتنبيه على الخلل الفادح الذي حول إحدى أغنى بلديات موريتانيا وأهمها إلى عالم من الجمود لا يعرف فيه السيد من المسود ولايملك فيه أي شخص القرار حتى لو تعلق الأمر بأبسط متطلبات العمل.

كان ذلك حال الجميع ما عدا سيدة واحدة هي المستشار الأول والعمدة المساعد الأول رجيبة بنت الدوكي المرأة المهابة والرافضة للظلم صاحبة الخبرة الطويلة والتاريخ والسيرة المهنية المشرفة الزاخرة بالتضحيات الجليلة والعطاء والتي ظلت تجرب كافة الحلول للخروج ببلدية أنواذيبو من هذا المنعطف وتبعاته الخطيرة..

كانت رجيبة بنت الدوكي تعض على الجرح وتتعرض للخذلان من طرف "المهبطين" و"المزايدين" في كل مرة تأخذ فيها زمام المبادرة لتصحيح المسار وتقلد المهام في بلدية خبرتها جيدا وأعطتها من جهدها وعرقها وعبقريتها عقودا متلاحقة.
لم يثني ذلك المرأة الصابرة والمخضرمة عن واجبها وواصلت النضال وحيدة وكانت تزداد ثقة وتشبثا بهدفها النبيل في كل جولة من سجالاتها .

ليأتي اليوم المشهود عند نهاية الزيارة الأخيرة التي أداها مؤخرا رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز للعاصمة الاقتصادية
وفي لحظة فاصلة أثناء وداع رئيس الجمهورية في مطار أنواذيبو تمخض عنها لقاء تاريخي
في القصر الرئاسي بين سيدة شامخة ورئيس منصف أحس بمرارة الظلم وقدر نضال سيدة حرة ووجيهة وأحاط بالموقف من خطيبة مفوهة ومجربة لاتخاف في الله لومة لائم .
لتتوالى فصول متسارعة من "النصر" وتتوج بعد ذلك بقرار قوي وشجاع أعاد الحق لصاحبته بقوة القانون ونص على تعيين النائب الأول للعمدة السيدة رجيبة عمدة بكامل الصلاحيات لبلدية نواذيبو بل كان هذا القرار فاتحة خير على بلديات وطنية أخرى كانت تعيش نفس وضعية شغور منصب العمدة.

لتكتمل بذلك ملحمة كبرى من ملاحم رفض الظلم لسيدة كريمة توجت بموقف شجاع لرئيس شجاع وتنفرج الأمور في هذا المرفق الحيوي وتضطلع السيدة رجيبة بدورها في قمة بلدية وتتحدد معالم مرحلة جديدة ستدب فيها الحياة وتتحقق فيها الآمال على يد كفاءة وطنية مرموقة تقدر عاليا العهد الذي بينها وبين الوطن وتكرس جهدها ووقتها في خدمة مواطنيها وأداء واجباتها بتفان واخلاص.
محمد اعل بين.