يبدو أن إيران تسعى للحصول على "موطئ قدم" في المغرب العربي وغرب إفريقيا، وبناء تعاون عسكري واستخباراتي مع موريتانيا والدول الإفريقية. فقد كشفت مصادر موريتانية مطلعة لـ"العربية.نت" تفاصيل مهمة عن زيارة "غريبة" هي الأولى من نوعها قام بها وزير الدفاع الإيراني الجنرال أمير حاتمي إلى موريتانيا هذا الأسبوع.
وقال مصدر طلب عدم الكشف عن اسمه إن وزير الدفاع الإيراني قدم عرضاً لبناء تعاون عسكري مع موريتانيا، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، وذلك خلال اجتماع عقده مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز
وأضاف المصدر، "قدم أمير حاتمي خلال لقاءين منفصلين مع رئيس الجمهورية ووزير الدفاع، الفريق محمد ولد الشيخ أحمد الغزواني، مقترحات بشأن توسيع التعاون بين موريتانيا وإيران ليشمل الدفاع المشترك و آليات للتعاون العسكري و الاستخباراتي".
لكن تسريبات حول فحوى الاجتماعين اللذين عقدا في نواكشوط، كشفت أن أهداف زيارة وزير الدفاع الإيراني، تجاوزت إطار التعاون الثنائي، حيث شمل العرض الإيراني المساهمة في الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في الساحل الإفريقي.
قوة مشتركة لمكافحة الإرهاب
وتقود موريتانيا بمؤازرة من فرنسا حملة عسكرية ودبلوماسية للقضاء على الجماعات المسلحة المتمركزة في شمال مالي والتي تشن هجمات دامية تستهدف دول الساحل.
وأسست موريتانيا والتشاد و النيجر و بوركينافاسو و مالي قوة مشتركة لمكافحة الإرهاب، وأسندت قيادة هذه القوات لضابط كبير في الجيش الموريتاني، هو الجنرال حننا ولد سيدي القائد المساعد لأركان الجيش.
وعقد في نواكشوط مؤتمر ناجح للمانحين الدوليين قدمت خلاله تعهدات بتقديم مئات الملايين من الدولارات لتمويل هذه القوة وتجهيزها، و كذلك لتنفيذ مشاريع تنموية في المنطقة
وخلال السنوات الأخيرة أصبحت موريتانيا المحاور الرئيسي للقوى الدولية والإقليمية في ملف الإرهاب والسلم في الساحل، واستعادت نفوذها وثقلها في إفريقيا وتولت رئاسة أهم المؤسسات الإفريقية الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم و الأمن كما عقدت في نواكشوط قمة للاتحاد الإفريقي
اهتمام إيراني خاص
ويثير موقع موريتانيا الجيو استراتيجي شهية إيران الطامحة للتمدد في غرب إفريقيا، عبر البوابة الغربية للوطن العربي.
و يربط خبراء بين نقل وزير الدفاع الإيراني إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز رسالة شفهية من الرئيس الإيراني حسن روحاني و المطامع الجديدة لإيران في التوغل جنوباً.
وكان لافتا إعلان العميد أمير حاتمي و زير الدفاع والمبعوث الخاص للرئيس الإيراني من نواكشوط وجود إفريقيا ضمن أولويات السياسية الخارجية لطهران واهتمامها الخاص بموريتانيا ،التي توجد في "موقع جغرافي متميز" حسب قوله.
ونقلت الوكالة الموريتانية للأنباء عن حاتمي قوله إن "الجمهورية الإسلامية الموريتانية ومن خلالها القارة الإفريقية تحظى باهتمام خاص في السياسة الخارجية الإيرانية لا سيما ما يتعلق بقضايا الدفاع المشترك".
وخلال السنوات الأخيرة عملت إيران باستمرار على تقوية نفوذها المذهبي والتجاري في دول غرب إفريقيا، عبر شبكات دينية واقتصادية، من أجل امتصاص جزء من تأثيرات العقوبات الدولية وفك العزلة الدبلوماسية
وفيما تواجه مشاريعها في الشرق الأوسط، انتكاسة تبحث إيران عن بدائل في الأطراف يمكن اختراقها والنفاذ منها إلى إفريقيا
وتعيد طهران الكرة رغم الإخفاقات المتكررة والأزمات التي واجهتها في المغرب العربي ومن بينها تبعات فضيحة نقل صواريخ حزب الله إلى مقاتلي جبهة البوليساريو والقطيعة الدبلوماسية مع المغرب و تصفية إسرائيل خبراء عسكريين إيرانيين في ليبيا.
تنافس بين إيران وتركيا وإسرائيل
من جهته، اعتبر الدكتور ديدي ولد السالك، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة نواكشوط، ورئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية أن زيارة وزير الدفاع الإيراني تعكس احتدام التنافس على المنطقة بين قوى إقليمية كبيرة، من بينها تركيا وإسرائيل وإيران.
وأضاف "الإيرانيون يريدون الوصول إلى الساحل الإفريقي الساحة الرئيسة للجريمة السياسية والإرهاب في القارة، ولديهم طموح لتعزيز حضورهم في غرب إفريقيا".
ويشدد مراقبون على محاولة إيران تحسين صورتها الخارجية عبر عرض المشاركة في الحملة الدولية والإقليمية لدحر مقاتلي الجماعات المتطرفة في شمال مالي، دون أن تفك الارتباط بالتنظيمات الرئيسية للإرهاب في الشرق الأوسط وفي مقدمها القاعدة.