دولتنا آمنة غير مطمئنة..

لأني لا أريد صفة الكاتب ولا المدون في عالمكم هذا، بل طالما كنت أرجو وأرنو إلى ذياك المشاكس الحبري المنقع قعر الدواة كحنظل مر، ولأني أرفض تسييج الأقلام بأسلاك أي مبرر، ولأن أي مريد هو مورد لبئر شيخه، فأنا تلميذ مدرسة قول الحق .

الكتابة فعل ثوران، لا دوران..
دولتنا معطوبة أيها الناس ،يتشح وجهها باللعنة المزمنة، وكره دفين لكل المكبوتين الذي لعقوا في نهم صدرها البغي، يفتح بها الصباح جراح السنيين والخداع، ويترك البرد يتلذذ بها، ينبشها بسادية وينهش منها بلا هوادة..
هذه المداشر لا تصلح للحياة، تمشي القهقرى مباشرة؛ السغب يضاجع الأفواه المتمردة، والإبشام يتبول بكرم على الرؤوس المحنية.. فأي حياة للإنسان ها هنا؟!.. يستكين بين أزقتها الموبوءة حلم ساقط في إطار قمامة.. والإنسان الذي يبحث عن حياة في شوارعها التي صارت تشبه الأفاعي، مثله مثل الحمار الذي يتحمل سادية البشر ليحصل في الأخير على إهانة عنيفة..

في هذه المدينة التي تقف بين موت قريب، وحياة موغلة في البعد، يمكنك أن ترى الجهل ينام على سرير العقول، وترى، الخوف من الوعي كأنه عبوة ناسفة، أو تهمة يهرب منها الكل كي لا يشوش أحد على راحة القبيلة، التي اتخذت من الأسمنت؛ أنفا تكسوه بمخاط السيف الدمشقي، وأمجاد الماضي المدنس وطعم الدم المقدس.. مدينة خرجت من مفاصل العدم مشوهة مشلولة، وتشكلت على خارطة العبث كجسد مرتجف اقترف فاجعة ولا زال يستعيد آهاتها وتأوهاتها..
كل شيء في هذه المدينة التي لا تشبه المدينة يتشابه، كل شيء يتداخل ليلفظ مشهدا حزينا يعيش موتا..
كل شيء!..
ولا شيء خير من حسنات الصمت لأن الكلام تعب من خطايا الكلام..