الباحثةعيشة محمد بابو تكتب: يوم القدس العالمي الدور والتحديات....

تبخرت القضيّة الفلسطينية من أذهان الشعوب العربية والإسلامية، فلم يعد لها حضورٌ رسمي ولا شعبي، إلى درجة فقدان الشعور والضمائر؛ ولم يعد للعرب أي إهتمام إن أباد الكيان الغاصب غزة أو أي بلدة اخرى في فلسطين ولا أنّ الشعب الفلسطيني يعيش تحت الذل والقهر . والأكثر فظاعة من ذلك أن يقوم هؤلاء الأعراب بتصنيف حركات المقاومة الشريفة والمدافعة عن الارض والعرض بأنّها حركات إرهابيّة؛ ليصبح مجرد التعاطف معها جريمة ربما ينزل بأصحابها أشد العقاب .

وطبعا لم تصل الامور لمثل هذه الدرجة فجأة وانما كانت لها مقدمات كثيرة ومتعددة وهي التي آلت بالامة إلى هذا المستوى ، فقد لعبت فيه جل الأنظمة العربية دورا اساسيا في ذلك وخصوصا عند تراجع بعض الدول عن دورها تماما في الساحة ، ووصول الأمر بها إلى أن جعلت من نفسها وسيطا لإسرائيل في المنطقة خدمة للأمن القومي الإسرائيلي . كما انه كان للسلطة الفلسطينية نفسها دورا اساسيا في طمس القضية الفلسطينية، حين رضخت للتآمر مع الكيان الصهيونى ، وأيضا توريط حركة حماس نفسها في اشكاليات تخليها عن الحليف الاساسي لها وتنقلها من مكان الى آخر ،  وبعض الاعراب الذين انشغلوا بوهم عدو بديل هو ايران فشنوا حروبا  في سوريا وغيرهغ اهلكوا فيها الحرث والنسل ، مقدمة "لتهيئة الاجواء السياسية والرسمية والشعبية والروحية لتسويته لمصلحة العدو الغاصب الكيان المشؤوم . بالمقابل فإن الإحتفال بيوم القدس العالمي يعيد للمسلمين وخاصة الاجيال الصاعدة منهم الارتباط بالقدس وبالمسجد الاقصى ويوضح هذا الاحتفال المنزلة العظيمة للقدس لدى جميع المسلمين في العالم ويبرهن بجلاء إلى مدى أهمية المحافظة على تلك المقدسات ، كما أن يوم القدس العالمي مرآة عاكسة لحقيقة اساسية ألا وهي وجوب معرفة آن الكيان الإسرائيلي كيان غير مشروع ولذلك وٌجد من يحارب هذا اليوم وينسبه إلى "الرافضة والمجوس " وذلك في الحقيقة كارثة كبرى تتمثل في أن يصل الحال الى مثل هذا المستوى من الانحطاط فحين يرجع الباحث في الانترنت  لنماذج من المقالات المجندة ضد الإحتفال باليوم العالمي للقدس سيقف استغرابا !! فلو تم تغيير اسم الكاتب باسم يهودي لتيقن القارئ بل لأجزم ان الكاتب صهيوني بامتياز ؛حيث يصف احدهم يوم القدس "بيوم ابتدعه امام الروافض ليجعل منه يوم مواجهة بين حكام العرب وشعوبهم لزعزعة الامن"  لكن على خلاف ما ذهب اليه هؤلاء المتصهينون ومن على شاكلتهم فان الامام الخميني( قد) لصدق نواياه وبعد نظره قد وفق  بدعوته الجميع لجعل يوم الجمعة الأخيرمن كل شهر رمضان يوما عالميا للقدس فالقدس عنوان فلسطين وعروبتها  والاحتفاء بيوم القدس زاد الناس ثقة بقضيتهم العادلة وأكد حتمية تحرير الأقصى على رغم قوة الكيان ومهما طال الوقت دون ذلك -وكما يقال لا يضيع حق وراءه مطالب - رغم تخلي الانظمة العربية عن واجب الدفاع عن المسجد الاقصى بمختلف الحجج . تمر ذكرى القدس وبعض الدول اصبحت حليفا رئيسيا للكيان الغاصب منشغلة بقتل وتدمير وحصار شعوب  المنطقة العربية عامة مما يبين ان بعد سنوات قليلة ستكون قضية المسجد الاقصى نسيا منسيا اذا استمر حال علاقة هذه الدول مع الكيان الإسرائيلي والتي تطورت من مرحلة ما تحت الطاولة إلى فوقها صراحة ودون خجل ؛ وذلك لان القدس لم تعد قضية جوهرية عند الكثيرين كما كانت تثير مشاعر العرب والمسلمين  وذلك لتغييبها عن اذهان الناس ، والواقع يؤكد ان هذا الكيان لم ينتصر  إلا بسبب الخيانات العربية التي اخذت مكان العدو عدوا آخر هو اقرب الى القضية العربية من العرب انفسهم ! وعلى الرغم من كل هذه الاحوال فإن تخليد  يوم القدس العالمي انتشر اخيرا بين الناس حيث أصبح الاشتراك فيه ليس مقتصرا على العرب او المسلمين فقط بل يشارك فيه حتى من غير المسلمين كيهود الأرثودكس المعادون للصهيونية وهذه الاحتفالات المخلدة ليوم القدس العالمي تقام ايضا في العديد من العواصم الاوربية وفي الولايات المتحدة الامريكية نفسها . والاحتفاء بيوم القدس يذكر الجميع بالقضية الفلسطينية وبوجوب تحرير المقدسات وان القدس دائما هو العنوان الرئيسي لنضال الشعب الفلسطيني على الرغم من خذلان اشقائهم العرب بقفزهم فوق طاولة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وان كان الاحتفال بيوم القدس العالمي  رمزيا في نظر البعض  حتى الآن إلا انه ينشط الذاكرة العربية والإسلامية إلى قضية فلسطين ومركزيتها وان يوم القدس العالمي  مهم واساسي وبوصلة لطريق الحق خصوصا للاجيال الناشئة لانه ينير العقول ويفتح الابصار والاسماع لقضية جوهرية يريد البعض طيها ونسيانها وهذا من المؤكد يؤلم إسرائيل ويوجع عملاءها  وحلفاءها الذين في الكيان الغاصب حليفا وفي  ايران عدوا وحزب الله وباقي فصائل المقاومة الاسلامية كإرهابيين .

عيشة محمدبابو