ناقش مفكرون وباحثون وعلماء مساء موضوع “رمضان شهر القرٱن”؛وذلك في ندوة نظمتها مؤسسة رسالة السلام العالمية للدراسات والبحوث الإسلامية، بفندق الخيمة وسط العاصمة نواكشوط.وافتتح مدير التوجيه الإسلامي الدكتور محمد الأمين ولد شيخنا باسم وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي الندوة، بتأملات حول رمضان كحيز زماني قرٱني.
واعتبر أن موريتانيا في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني تعتبر بلدا يكفل للجميع حرية التفكير والرؤية في إطار الإسلام السمح، الذي يسع الجميع.
وقال إن موريتانيا ترحب بالمشاركة الفاعلة لمؤسسة رسالة السلام في صياغة رؤية وسطية تجمع عليها الفعاليات الفكرية الإسلامية، وتعتمد التناغم والتكامل منهجا وشعارا
معربا عن شكره وتقديره لرئيس المؤسسة الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، على جهوده الإصلاحية.
وتناول الكلام بعده الأستاذ حي معاوية حسن ممثل المؤسسة في موريتانيا وغرب إفريقيا مهنئا الحضور بمناسبة حلول شهر رمضان، باسم رئيس المؤسسة الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي.وبسط الأسس المرجعية للرؤية التي سيتناول فيها المحاضرون الموضوع.
أما الدكتور الولي ولد طه مدير الإعلام والنشر بوزارة الشؤون الإسلامية فقد تحدث عن رسالة التسامح والود والحب والدعوة التي يحملها الإسلام؛ مستعرضا العديد من آيات الذكر الحكيم التي تحث على التسامح والمحبة والدعوة بالحسنى.
وتحدث الأستاذ الروائي والشاعر الشيخ ولد نوح عن طبيعة منهج الإسلام في المجادلة والحوار مع الٱخر انطلاقا من القرٱن الكريم، وما يحث عليه من احترام المخالف وتقديره ومجادلته بالحسنى، مستعرضا أخلاق الرسول عليه السلام، والتي زكاها القرآن من خلال قوله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) وما أمره به سبحانه وتعالى من مجادلة بالحسى ومقابلة للإساءة بالحسنى، إذ يقول الله (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) ويقول (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
وتناول الأستاذ محمد ولد أفو ضرورة تصحيح بعض المواضيع المفتاحية في علاقتنا مع القرٱن، والتجديد في فهم النصوص وتنزيلها لتحقيق المناط؛ مستنكرا مفهوم “النسخ” الذي كان فرصة لإلغاء أحكام العديد من الآيات القرآنية؛ حيث اعتبرها رجال الدين منسوخة، مبينا أن النسخ لا أساس له من الصحة، وأن الآية التي يستدلون بها على وجوده تم تحريف معناها وهي قوله تعالى (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) إذ بين الباحث هنا أن الآية تقصد بها المعجزة وليست الآية القرآنية.
بدورها الدكتورة تربه بنت عمار أستاذة التاريخ الإسلامي بجامعة نواكشوط تحدثت عن الخصوصية الفكرية والمنهجية لمنطقة المغرب العربي، التي تعايشت فيها في مرحلة تاريخية كل الرؤى والأفهام للإسلام في احترام وحسن جوار، واستعرضت الدكتورة إهمال المسلمين للعقل وما لعبه من دور في تكريس سيادة الروايات التراثية وتقديسها، داعية إلى إعادة قراءة ذلك التراث وتنقيته من كل الدسائس والمصائب، خصوصا المناقض منها للقرآن الكريم.
الأستاذ المفكر النبهاني ولد أمغر تحدث عن محورية الوحي في الرؤية الإسلامية، معددا الشواهد والأمثلة من القرٱن الكريم.
وقال الأستاذ النبهاني: خلال هذه الندوة المباركة رمضان شهر القرآن كانت لي حديث متأمل في ظلال الآية الكريمة (فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم)
إن هذا الأمر الرباني الصريح في وجوب الاستمساك بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، المنزل على نبيه وعبده محمد صلى الله عليه وسلم، يبين أهمية هذا الوحي في حياة كل مسلم مؤمن.
و إن من أعظم أسباب الفلاح، والهداية في الدنيا والآخرة، أن تجعل أمرك كله تبعا للوحى به تدعو وتنذر، قال تعالى آمرا نبيه صلي الله عليه وسلم: (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ). وأمره أن يصدع بذلك بين الناس: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) و (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّه وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ). وأمره سبحانه وتعالى أن يكون تذكيره وإنذاره بالوحي قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) [ وقال سبحانه: (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) وقال تعالى: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) وقال تعالى: (وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ) وقوله (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) .
وبين الله سبحانه وتعالى أن جهة اهتداء النبي صلي الله عليه وسلم إنما تكون بالوحى وأمره صلى الله عليه وسلم أن يبين للناس ذلك فقال له: (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ). ولما كان الوحي هو أعظم ما ينجو الناس به، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستمسك به، وهو أمر لكل من أراد الفلاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) . ولذلك تجد أن سبب ضلال من ضل من العباد يكون لانحرافه عن الوحي، وعلى قدر ابتعاده على قدر ما يكون من انحراف. • ولا يمكن لأحد أن يجد للوحي مثيلا، أو يصل لتمام الهداية من غير طريق الوحي، وكل ما يمكن أن يجعله أهل البدع من طرق توصل إلى ذلك، فهي لا تثبت حقا إلا والتزم أهلها بسببه باطلا جديدا. • كما أن الله سبحانه قد قطع الطريق على من رام في غير الوحي سبل الهدى، فقال عز وجل: ( وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا). فكل ما يمكن أن يقال عنه أن فيه خير لابد أن يكون ذكره الوحي أو دل عليه، إن نصا أو إشارة، بأتم بيان وأحسن تفسير، ولا سبيل للعقل أن ينفرد بإدراك كمال طرق الهداية، فالعقل قد يدرك طريقا للهداية، لكن لا يستقل ببيانه على الوجه الذي يتم الإيمان به، فإدراكه مجمل، والوحي فيه التفصيل: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْء)، والمقصود هنا لكل شيء يتم الإيمان به. • وقد سمى الله سبحانه وتعالى الوحي برهانا، ورتب الرحمة والفضل والهداية على الاعتصام به، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا؛ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا
الأستاذ الدكتور خطري ولد اعل ولد اباهي تحدث عن موضوع الندوة من منظار قرٱني عملي يعتمد الفهم الصحيح والممارسة النابعة منه.