متى يتدارك غزواني أخطاء نظامه ؟ *

ارتدادات الأزمة العالمية المتمثلة في شبكة أزمات متزايدة و متشابكة في تفاقمها و تنوعها و توالدها و تعقيدات حساباتها ، تحتاج عقولا اقتصادية و سياسية و اجتماعية ، قادرة على فهم و إفهام مثل هذه التعقيدات لجمهور نصفه قاصر و نصفه لا يريد سماع الحقيقة(…)

و مثل ما يردده المؤججون لهذا الاستياء الآن (بعد قرار زيادة أسعار المحروقات)، نعترف لهم : نعم، هذا “القرار خطير و بالغ التأثير على حياة المواطنين” . لايختلف اثنان على هذه الحقيقة الماثلة للعيان . لكن ، 
– لماذا ؟
– ما هو الحل ؟
– ما هي دوافع هذا القرار؟
– هل هناك حل آخر؟
* هنا، أخفقت السلطة في توضيح الأسباب ..
* هنا ، أخفقت السلطة في فهم ضرورة الاعتماد على إعلام مهني متمكن ، له مصداقية .
* و هنا، أخفقت السلطة في تحضير الناس لهذا القرار الصادم مهما كانت إلزاميته..
* الإعلام الحزبي هو الآخر لم يطور مهاراته و لم يواكب تقنيات الملتيميديا التي يستغلها أصحاب ولد عبد العزيز اليوم بكفاءة عالية ، يتناغم فيها بوضوح ما يردده دفاعه من أباطيل و ما تختلقه أبواق مناصريه المأجورة و ما تكشفه يوميا عناصر اختراقه للأمن و الإدارة ، من تسريبات مربكة للنظام رغم سهولة الوصول إلى أصحابها..

كل خلايا عزيز النائمة ، كشرت عن أنيابها بوضوح في الآونة الأخيرة في حملة تضامن غير معلنة ، في وجه تحريك محاكمته، بعد إحالة ملفه من طرف قطب التحقيق ..

و كان باستطاعة الإذاعة و التلفزيون الوطنيتين أن تستدعيا من يوهمون الناس اليوم (من أنصار عزيز) ، أنهم يتحركون بدوافع وطنية في وجه قرار زيادة أسعار المحروقات، ليكشفوا للجمهور جهلهم بما يتكلمون فيه و ركوبهم موجة هذه الدعاية المغلوطة ، مأجورة الغباء و الصراخ..

في الأشهر الثلاثة الأخيرة من حكم عزيز المشؤوم ، قام الأخير بتعيين كل عناصر مهامه في الإدارة و السفارات و هم الآن من يسربون كل أسرار الدولة بأدق تفاصيلها (راجعوا فقط تعيينات مجلس الوزراء الأخيرة في عهد الشؤم لتفهموا كل شيء)..

ما زال أصحاب عزيز حتى هذه اللحظة الأكثر تحكما في أسرار الإدارة و الأكثر قدرة على إحراج الدولة بما يزودون به صفحات و منصات و مواقع التواصل الاجتماعي المأجورة.

و قد تراخت السلطات أكثر من اللازم في ملف محاسبة ولد عبد العزيز ؛ ثمة قضايا ضده لا تحتاج أكثر من مثوله أمام أي قاض لإصدار أي حكم ضده ، كان ينبغي أن يتم سجنه على أساسها و ترك باب بقية القضايا مفتوحا حتى تبت فيه المحاكم لاحقا..

و كان ولد الغزواني بحاجة ماسة إلى ما حدث يوم أمس في ملعب شيخا ولد بيديَّ : كان بحاجة ماسة إلى فجاءته و طريقته و طبيعة جمهوره و وضوح أسبابه ..

كان و ما زال ولد الغزواني بحاجة إلى صفعات مماثلة ، ما زال أكثرها في الطريق، لإدراك خطورة ما يحدث على الأرض و استدراك ما يرتكبه نظامه من أخطاء..

كان بحاجة ماسة إلى مثل ما حدث بالأمس ، لإعادة ترتيب أوراقه و أفكاره و أولوياته و حساباته و مواقع ثقته ..

أخطر ما حدث بالأمس ليس صراخ ثلة من الغوغائيين المأجورين و لا حتى التعبير عن صدمة المجتمع من ارتفاع سعر المحروقات و غلاء المعيشة (لو كانت هي الأسباب الحقيقية)، هذا يحدث اليوم في كل مكان من الأرض.

إن أخطر ما حدث بالأمس، هو قراءة النظام له و تأويله لأسبابه و الازدراء بمخاطره..

كل حلقات حملة التضامن مع عزيز في وجه محاكمته ، تكالبت بإحكام في تحد صارخ للنظام في الأسابيع الماضية . و هي حملة تحفر مجراها باستماتة و ذات أبعاد و أوجه لا تتحدث عن تفاصيلها : 
– محاكمة عزيز..
– الحوار و مخرجاته..
– الترتيبات القانونية لخوض معركة الاستحقاقات القادمة..
– الانتخابات النيابية و البلدية..
– الانتخابات الرئاسية..
– الاستفادة من ارتدادات الأزمة العالمية (المحسوبة بطبيعة الحال على مسؤولية النظام بقاهرها و ما دونه) ..

كل الاستحقاقات القادمة التي أصبحنا على عتبتها (دون تحضيرات واقية مدروسة)، ستدار بأموالنا المنهوبة بما لا يمكن أن يتوقعه أي عاقل مهما كانت فطنته، لأنها معركة بقائهم .. معركة موتهم أو حياتهم .. معركة أن يكونوا أو لا يكونوا .. معركة حماية منهوباتهم .. معركة خروجهم من السجون أو خلودهم فيها .. معركة من أداروا البلد عشر سنين بالأكاذيب و الأباطيل .. معركة من نهبوا كل خيرات البلد و ما زالوا ينهبونها حتى اليوم.. معركة من ما زالوا يتحكمون في كل شيء في البلد بعد مأمورية كاملة من حكم غيرهم.. معركة من أفقروا الشعب و حولوه إلى شرائح متصادمة لتسهيل شراء أصواته و الاستفادة من عداواته ..

على ولد الغزواني أن يفهم أننا لا يمكن أن ننسى ما ارتكبته عصابة حرابة ولد عبد العزيز في حق شعبنا و بلدنا..

لست ممن يخفون عداءهم لعزيز أو يَتحرَّجون من وصف ذبابه لهم بالحقد و الحسد و إن كنت لا أفهم علامَ يمكن أن نحسده و لا لماذا لا نحقد على من نهب بلدنا و أذل أهله و شتت لحمته.!!؟.