لا شك أن الكذب فعل منبوذ وممقوت في الدين ولا يجوز للمسلم أن يقدم عليه إلا للضرورة التي لا يمكن دفعها إلا به؛ وقد حددها الشرع في أمور محصورة غير دونها .. ومن المعروف أن الكذاب شخص دنيئ مريض
لقوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}، ...و لقوله صلى الله عليه وسلم : (أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَن كَانَتْ فيه خَلَّةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَلَّةٌ مِن نِفَاقٍ حتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ).
إلا أن فعل الكذب في مجتمعنا المتناقض مع ذاته تحول الي موهبة خارقة للمسؤولين الحكوميين والسياسيين فقد تطور الكذب وأصبح فيه من الإبداع ما يبهر العقل بحيث أنه تحول الي ظاهرة شائعة وملاذا آمنا لتهرب المسؤولين من واجباتهم تجاه المواطنين دون مراعاة ما يترتب على ذلك من تأثير سلبي كبير على سمعة المسؤول الحكومي وعلى النظام الذي يمثله عموما.
ولعل أحد الأسباب الرئيسية لكذب المسؤولين الحكوميين هو الحفاظ على حب السلطة والتحكم والابتعاد عن الجمهور إلا في المواسم السياسية حيث يطغى وجودهم في الأوساط الشعبية ليس حباً بهم وإنما للضرورة أحكامها.
ومع ذلك، يترتب على كذب المسؤولين تأثيرات سلبية كبيرة على المجتمع. فعندما يفقد الجمهور الثقة في المسؤولين ويدرك أنهم يتهربون من مسؤولياتهم ، يتراجع الدعم والتأييد الشعبي للحكومة خاصة إذا كانت حكومة تعيش وضعا حرجا أمام مشاكل التنمية والبطالة المستفحلة في صفوف الشباب الذي هجر قسرا عن البلاد بفعل السياسيات الفاشلة .
وختاما، يعد كذب المسؤولين وسياسة الأبواب الموصدة ظاهرة سلبية تؤثر على المجتمع والديمقراطية. يجب أن يكون هناك التزام حقيقي بالشفافية والمساءلة من قبل المسؤولين، وتشجيع المشاركة الفعالة للمواطنين في عملية صنع القرار. إن تحقيق التقدم والتنمية يتطلب الصدق والشفافية، وعدم انتهاج سياسة الكذب والخداع والإختباء خلف الأبواب الموصدة.